Terjemah Surat Al-Maidah Ayat 51-57
51. Hai orang-orang yang beriman, janganlah kamu mengambil orang-orang Yahudi dan Nasrani menjadi pemimpin-pemimpin (mu); sebahagian mereka adalah pemimpin bagi sebahagian yang lain. barangsiapa diantara kamu mengambil mereka menjadi pemimpin, Maka Sesungguhnya orang itu termasuk golongan mereka. Sesungguhnya Allah tidak memberi petunjuk kepada orang-orang yang zalim.
52. Maka kamu akan melihat orang-orang yang ada penyakit dalam hatinya (orang-orang munafik) bersegera mendekati mereka (Yahudi dan Nasrani), seraya berkata: "Kami takut akan mendapat bencana". Mudah-mudahan Allah akan mendatangkan kemenangan (kepada Rasul-Nya), atau sesuatu Keputusan dari sisi-Nya. Maka Karena itu, mereka menjadi menyesal terhadap apa yang mereka rahasiakan dalam diri mereka.
53. Dan orang-orang yang beriman akan mengatakan: "Inikah orang-orang yang bersumpah sungguh-sungguh dengan nama Allah, bahwasanya mereka benar-benar beserta kamu?" rusak binasalah segala amal mereka, lalu mereka menjadi orang-orang yang merugi.
54. Hai orang-orang yang beriman, barangsiapa di antara kamu yang murtad dari agamanya, Maka kelak Allah akan mendatangkan suatu kaum yang Allah mencintai mereka dan merekapun mencintaiNya, yang bersikap lemah Lembut terhadap orang yang mukmin, yang bersikap keras terhadap orang-orang kafir, yang berjihad dijalan Allah, dan yang tidak takut kepada celaan orang yang suka mencela. Itulah karunia Allah, diberikan-Nya kepada siapa yang dikehendaki-Nya, dan Allah Maha luas (pemberian-Nya), lagi Maha Mengetahui.
55. Sesungguhnya penolong kamu hanyalah Allah, Rasul-Nya, dan orang-orang yang beriman, yang mendirikan shalat dan menunaikan zakat, seraya mereka tunduk (kepada Allah).
56. Dan barangsiapa mengambil Allah, rasul-Nya dan orang-orang yang beriman menjadi penolongnya, Maka Sesungguhnya pengikut (agama) Allah[423] Itulah yang pasti menang.
57. Hai orang-orang yang beriman, janganlah kamu mengambil jadi pemimpinmu, orang-orang yang membuat agamamu jadi buah ejekan dan permainan, (yaitu) di antara orang-orang yang Telah diberi Kitab sebelummu, dan orang-orang yang kafir (orang-orang musyrik). dan bertakwalah kepada Allah jika kamu betul-betul orang-orang yang beriman.
[423] yaitu: orang-orang yang menjadikan Allah, rasul-Nya dan orang-orang yang beriman sebagai penolongnya.
Tafsir Surat Al-Maidah Ayat 51-57
( 51 ) يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى حلفاءَ وأنصارًا على أهل الإيمان؛ ذلك أنهم
لا يُوادُّون المؤمنين، فاليهود يوالي بعضهم بعضًا، وكذلك النصارى، وكلا الفريقين
يجتمع على عداوتكم. وأنتم -أيها المؤمنون- أجدرُ بأن ينصر بعضُكم بعضًا. ومن
يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم، وحكمه حكمهم. إن الله لا يوفق الظالمين الذين
يتولون الكافرين.
( 52 ) يخبر الله
تعالى عن جماعة من المنافقين أنهم كانوا يبادرون في موادة اليهود لما في قلوبهم من
الشكِّ والنفاق، ويقولون: إنما نوادُّهم خشية أن يظفروا بالمسلمين فيصيبونا معهم،
قال الله تعالى ذكره: فعسى الله أن يأتي بالفتح -أي فتح "مكة"- وينصر
نَبِيَّه، ويُظْهِر الإسلام والمسلمين على الكفار، أو يُهيِّئ من الأمور ما تذهب
به قوةُ اليهود والنَّصارى، فيخضعوا للمسلمين، فحينئذٍ يندم المنافقون على ما
أضمروا في أنفسهم من موالاتهم.
( 53 ) وحينئذ يقول بعض
المؤمنين لبعض مُتعجِّبين من حال المنافقين -إذا كُشِف أمرهم-: أهؤلاء الذين
أقسموا بأغلظ الأيمان إنهم لَمَعَنا؟! بطلت أعمال المنافقين التي عملوها في
الدنيا، فلا ثواب لهم عليها؛ لأنهم عملوها على غير إيمان، فخسروا الدنيا والآخرة.
( 54 ) يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه من يرجع منكم عن دينه، ويستبدل به اليهودية أو النصرانية
أو غير ذلك، فلن يضرُّوا الله شيئًا، وسوف يأتي الله بقوم خير منهم يُحِبُّهم
ويحبونه، رحماء بالمؤمنين أشدَّاء على الكافرين، يجاهدون أعداء الله، ولا يخافون
في ذات الله أحدًا. ذلك الإنعام مِن فضل الله يؤتيه من أراد، والله واسع الفضل،
عليم بمن يستحقه من عباده.
( 55 ) إنما ناصركم -أيُّها
المؤمنون- الله ورسوله، والمؤمنون الذين يحافظون على الصلاة المفروضة، ويؤدون
الزكاة عن رضا نفس، وهم خاضعون لله.
( 56 ) ومن وثق بالله وتولَّى
الله ورسوله والمؤمنين، فهو من حزب الله، وحزب الله هم الغالبون المنتصرون.
( 57 ) يا أيها الذين صدَّقوا
الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تتخذوا الذين يستهزئون ويتلاعبون بدينكم من أهل
الكتاب والكفارَ أولياءَ، وخافوا الله إن كنتم مؤمنين به وبشرعه.
۞ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ
أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
ينهى تعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى الذين هم
أعداء الإسلام وأهله ، قاتلهم الله ، ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض ، ثم تهدد وتوعد
من يتعاطى ذلك فقال : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم [ إن الله
لا يهدي القوم الظالمين ] )
قال ابن أبي حاتم : حدثنا كثير بن شهاب حدثنا محمد - يعني ابن سعيد
بن سابق - حدثنا عمرو بن أبي قيس عن سماك بن حرب عن عياض : أن عمر أمر أبا موسى
الأشعري أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد ، وكان له كاتب نصراني ، فرفع
إليه ذلك ، فعجب عمر [
رضي الله عنه ] وقال : إن
هذا لحفيظ ، هل أنت قارئ لنا كتابا في المسجد جاء من الشام؟ فقال : إنه لا يستطيع [ أن يدخل
المسجد ] فقال عمر :
أجنب هو؟ قال : لا بل نصراني . قال : فانتهرني وضرب فخذي ، ثم قال : أخرجوه ، ثم
قرأ : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء [ بعضهم
أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ] )
ثم قال الحسن بن محمد بن الصباح : حدثنا عثمان بن عمر أنبأنا ابن
عون عن محمد بن سيرين قال : قال عبد الله بن عتبة : ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو
نصرانيا ، وهو لا يشعر . قال : فظنناه يريد هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا اليهود والنصارى أولياء [
بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ] ) الآية . وحدثنا أبو
سعيد الأشج حدثنا ابن فضيل عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس : أنه سئل عن ذبائح نصارى
العرب فقال : كل ، قال الله تعالى : (
ومن يتولهم منكم فإنه منهم )
وروي عن أبي الزناد نحو ذلك .
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ
يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى
اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ
مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ
وقوله : (
فترى الذين في قلوبهم مرض ) أي : شك ،
وريب ، ونفاق (
يسارعون فيهم ) أي :
يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر ، ( يقولون
نخشى أن تصيبنا دائرة ) أي :
يتأولون في مودتهم وموالاتهم أنهم يخشون أن يقع أمر من ظفر الكفار بالمسلمين ،
فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى فينفعهم ذلك ، عند ذلك قال الله تعالى : ( فعسى الله
أن يأتي بالفتح ) قال السدي :
يعني فتح مكة . وقال غيره : يعني القضاء والفصل (
أو أمر من عنده ) قال السدي :
يعني ضرب الجزية على اليهود والنصارى (
فيصبحوا ) يعني :
الذين والوا اليهود والنصارى من المنافقين (
على ما أسروا في أنفسهم نادمين ) من الموالاة ( نادمين ) أي : على ما كان منهم ،
مما لم يجد عنهم شيئا ، ولا دفع عنهم محذورا ، بل كان عين المفسدة ، فإنهم فضحوا ،
وأظهر الله أمرهم في الدنيا لعباده المؤمنين ، بعد أن كانوا مستورين لا يدرى كيف
حالهم . فلما انعقدت الأسباب الفاضحة لهم ، تبين أمرهم لعباد الله المؤمنين ،
فتعجبوا منهم كيف كانوا يظهرون أنهم من المؤمنين ، ويحلفون على ذلك ويتأولون ،
فبان كذبهم وافتراؤهم ; ولهذا قال تعالى :
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ
أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ۚ حَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ
وقد اختلف القراء في هذا الحرف ، فقرأه الجمهور بإثبات الواو في
قوله : ( ويقول
الذين ) ثم منهم من
رفع ( ويقول ) على الابتداء ، ومنهم
من نصب عطفا على قوله : (
فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ) تقديره " أن
يأتي " "
وأن يقول " ، وقرأ أهل
المدينة : ( يقول
الذين آمنوا )بغير واو ، وكذلك هو في مصاحفهم على ما ذكره ابن جرير قال
ابن جريج عن مجاهد : (
فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ) حينئذ ( ويقول
الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم
فأصبحوا خاسرين )
واختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآيات الكريمات ، فذكر السدي
أنها نزلت في رجلين ، قال أحدهما لصاحبه بعد وقعة أحد : أما أنا فإني ذاهب إلى ذلك
اليهودي ، فآوي إليه وأتهود معه ، لعله ينفعني إذا وقع أمر أو حدث حادث! وقال
الآخر : وأما أنا فأذهب إلى فلان النصراني بالشام ، فآوي إليه وأتنصر معه ، فأنزل
الله [ عز وجل ] ( يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ) الآيات .
وقال عكرمة : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر حين بعثه رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة فسألوه : ماذا هو صانع بنا؟ فأشار بيده إلى حلقه
، أي : إنه الذبح . رواه ابن جرير .
وقيل : نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول كما قال ابن جرير :
حدثنا أبو كريب حدثنا ابن إدريس قال : سمعت أبي عن عطية بن سعد قال
: جاء عبادة بن الصامت من بني الخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا
رسول الله ، إن لي موالي من يهود كثير عددهم ، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية
يهود ، وأتولى الله ورسوله . فقال عبد الله بن أبي : إني رجل أخاف الدوائر ، لا
أبرأ من ولاية موالي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي : " يا
أبا الحباب ، ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه " . قال : قد قبلت! فأنزل
الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء [ بعضهم
أولياء بعض ] ) إلى قوله
: ( فترى
الذين في قلوبهم مرض ) .
ثم قال ابن جرير : حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير حدثنا عثمان بن
عبد الرحمن عن الزهري قال : لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من يهود :
آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر ! فقال مالك بن الصيف : أغركم أن أصبتم
رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال!! أما لو أمررنا العزيمة أن نستجمع عليكم ، لم
يكن لكم يد بقتالنا فقال عبادة : يا رسول الله ، إن أوليائي من اليهود كانت شديدة
أنفسهم ، كثيرا سلاحهم ، شديدة شوكتهم ، وإني أبرأ إلى الله [ تعالى ] وإلى رسوله من ولاية
يهود ولا مولى لي إلا الله ورسوله . فقال عبد الله بن أبي : لكني لا أبرأ من ولاء
يهود أنا رجل لا بد لي منهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا
أبا الحباب أرأيت الذي نفست به من ولاء يهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه؟
" فقال : إذا
أقبل! قال : فأنزل الله : (
ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ) إلى قوله : ( والله
يعصمك من الناس ) [
المائدة : 67 ] .
وقال محمد بن إسحاق : فكانت أول قبيلة من اليهود نقضت ما بينها
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو قينقاع . فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال
: فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه ، فقام إليه عبد الله
بن أبي ابن سلول حين أمكنه الله منهم ، فقال : يا محمد أحسن في موالي . وكانوا
حلفاء الخزرج قال : فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد
أحسن في موالي . قال : فأعرض عنه . فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه
وسلم . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم . "
أرسلني " . وغضب رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى رئي لوجهه ظللا ثم قال : " ويحك
أرسلني " . قال : لا
والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي ، أربعمائة حاسر ، وثلاثمائة دارع ، قد منعوني
من الأحمر والأسود ، تحصدهم في غداة واحدة؟! إني امرؤ أخشى الدوائر ، قال : فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
هم لك "
قال محمد بن إسحاق : فحدثني أبو إسحاق بن يسار عن عبادة بن الوليد
بن عبادة بن الصامت قال : لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث
بأمرهم عبد الله بن أبي وقام دونهم ، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، وكان أحد بني عوف بن الخزرج له من حلفهم مثل الذي لعبد الله بن أبي
فجعلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله ورسوله صلى الله عليه
وسلم من حلفهم ، وقال : يا رسول الله ، أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم ،
وأتولى الله ورسوله والمؤمنين ، وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم . ففيه وفي عبد الله
بن أبي نزلت الآيات في المائدة : (
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ) إلى قوله : ( ومن يتول
الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) [ المائدة :
56 ] .
وقال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يحيى بن زكريا بن
أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد قال : دخلت مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي نعوده ، فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم : " قد
كنت أنهاك عن حب يهود " . فقال عبد
الله : فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمات .
وكذا رواه أبو داود من حديث محمد بن إسحاق .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ
مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ
فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
يقول تعالى مخبرا عن قدرته العظيمة أن من تولى عن نصرة دينه وإقامة
شريعته ، فإن الله يستبدل به من هو خير لها منه وأشد منعة وأقوم سبيلا كما قال
تعالى : ( وإن
تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38
] وقال تعالى
: ( إن يشأ
يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ) [
النساء : 133 ] ، وقال
تعالى : ( إن يشأ
يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ) [ إبراهيم :
19 ، 20 ] أي : بممتنع
ولا صعب . وقال تعالى هاهنا : (
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه ) أي : يرجع عن الحق إلى
الباطل .
قال محمد بن كعب : نزلت في الولاة من قريش . وقال الحسن البصري :
نزلت في أهل الردة أيام أبي بكر .
( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال الحسن : هو والله
أبو بكر وأصحابه [
رضي الله عنهم ] رواه ابن
أبي حاتم .
وقال أبو بكر بن أبي شيبة : سمعت أبا بكر بن عياش يقول في قوله ( فسوف يأتي
الله بقوم يحبهم ويحبونه ) هم أهل
القادسية . وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد : هم قوم من سبأ .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عبد الله بن
الأجلح عن محمد بن عمرو عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله : ( فسوف يأتي
الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال : ناس
من أهل اليمن ثم من كندة ثم من السكون .
وحدثنا أبي حدثنا محمد بن المصفى حدثنا معاوية - يعني ابن حفص - عن
أبي زياد الحلفاني عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن قوله : (
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال : "
هؤلاء قوم من أهل اليمن ثم من كندة ثم من السكون ثم من تجيب " . وهذا حديث غريب جدا .
وقال ابن أبى حاتم : حدثنا عمر بن شبة حدثنا عبد الصمد - يعني ابن
عبد الوارث - حدثنا شعبة عن سماك سمعت عياضا يحدث عن الأشعري قال : لما نزلت : ( فسوف يأتي
الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : "
هم قوم هذا " . ورواه ابن
جرير من حديث شعبة بنحوه .
وقوله تعالى : (
أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) هذه صفات المؤمنين
الكمل أن يكون أحدهم متواضعا لأخيه ووليه ، متعززا على خصمه وعدوه ، كما قال تعالى
: ( محمد رسول
الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) [ الفتح :
29 ] . وفي صفة
النبي صلى الله عليه وسلم أنه : "
الضحوك القتال " فهو ضحوك
لأوليائه قتال لأعدائه .
وقوله [
تعالى ] (
يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) أي : لا يردهم عما هم
فيه من طاعة الله ، وقتال أعدائه ، وإقامة الحدود ، والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، لا يردهم عن ذلك راد ، ولا يصدهم عنه صاد ، ولا يحيك فيهم لوم لائم ولا
عذل عاذل .
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا سلام أبو المنذر عن محمد بن
واسع ، عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم
بسبع ، أمرني بحب المساكين والدنو منهم ، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ، ولا
أنظر إلى من هو فوقي ، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت ، وأمرني أن لا أسأل أحدا
شيئا ، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا ، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم ،
وأمرني أن أكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنهن من كنز تحت العرش .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان عن أبي
المثنى أن أبا ذر قال : بايعني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وواثقني سبعا ،
وأشهد الله علي تسعا ، أني لا أخاف في الله لومة لائم . قال أبو ذر : فدعاني رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : "
هل لك إلى بيعة ولك الجنة؟ " قلت : نعم ، قال :
وبسطت يدي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشترط : على ألا تسأل الناس شيئا؟
قلت : نعم . قال : "
ولا سوطك وإن سقط منك يعني تنزل إليه فتأخذه . "
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن الحسن حدثنا جعفر عن المعلى
القردوسي عن الحسن عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا
لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده ، فإنه لا يقرب من أجل ،
ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكر بعظيم " . تفرد به أحمد .
وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن زبيد عن عمرو بن مرة
عن أبي البختري عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا
يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرا لله فيه مقال ، فلا يقول فيه ، فيقال له يوم القيامة
: ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا ؟ فيقول : مخافة الناس . فيقول : إياي أحق أن
تخاف " .
ورواه ابن ماجه من حديث الأعمش عن عمرو بن مرة به . وروى أحمد وابن
ماجه من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي طوالة عن نهار بن عبد الله العبدي
المدني عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن
الله ليسأل العبد يوم القيامة ، حتى إنه ليسأله يقول له : أي عبدي ، رأيت منكرا
فلم تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته ، قال : أي رب ، وثقت بك وخفت الناس " .
وثبت في الصحيح : "
ما ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه " ، قالوا : وكيف يذل
نفسه يا رسول الله؟ قال : "
يتحمل من البلاء ما لا يطيق " .
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) أي : من اتصف بهذه
الصفات ، فإنما هو من فضل الله عليه ، وتوفيقه له ( والله
واسع عليم ) أي : واسع
الفضل ، عليم بمن يستحق ذلك ممن يحرمه إياه .
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ
وقوله : (
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) أي : ليس اليهود
بأوليائكم ، بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين .
وقوله : ( الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة [ وهم
راكعون ] ) أي :
المؤمنون المتصفون بهذه الصفات ، من إقام الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام ، وهي
له وحده لا شريك له ، وإيتاء الزكاة التي هي حق المخلوقين ومساعدة للمحتاجين من
الضعفاء والمساكين .
وأما قوله (
وهم راكعون ) فقد توهم
بعضهم أن هذه الجملة في موضع الحال من قوله : (
ويؤتون الزكاة ) أي : في حال
ركوعهم ، ولو كان هذا كذلك ، لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره ; لأنه
ممدوح ، وليس الأمر كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى ، وحتى إن
بعضهم ذكر في هذا أثرا عن علي بن أبي طالب : أن هذه الآية نزلت فيه : [ ذلك ] أنه مر به سائل في حال
ركوعه ، فأعطاه خاتمه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، حدثنا أيوب
بن سويد ، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله : (
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) قال : هم المؤمنون وعلي
بن أبي طالب .
وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول ،
حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل قال : تصدق علي بخاتمه وهو راكع ،
فنزلت : ( إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) .
وقال ابن جرير : حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا غالب بن
عبيد الله سمعت مجاهدا يقول في قوله : (
إنما وليكم الله ورسوله ) الآية :
نزلت في علي بن أبي طالب تصدق وهو راكع
وقال عبد الرزاق : حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه ، عن ابن
عباس في قوله : (
إنما وليكم الله ورسوله ) الآية :
نزلت في علي بن أبي طالب .
عبد الوهاب بن مجاهد لا يحتج به .
ورواه ابن مردويه من طريق سفيان الثوري ، عن أبي سنان ، عن الضحاك
عن ابن عباس قال : كان علي بن أبي طالب قائما يصلي ، فمر سائل وهو راكع ، فأعطاه
خاتمه ، فنزلت : (
إنما وليكم الله ورسوله ) الآية .
الضحاك لم يلق ابن عباس .
وروى ابن مردويه أيضا عن طريق محمد بن السائب الكلبي - وهو متروك -
عن أبي صالح عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ،
والناس يصلون ، بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، وإذا مسكين يسأل ، فدخل رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : "
أعطاك أحد شيئا؟ " قال : نعم .
قال : " من؟
" قال : ذلك
الرجل القائم . قال : "
على أي حال أعطاكه؟ " قال : وهو
راكع ، قال : "
وذلك علي بن أبي طالب " . قال :
فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك ، وهو يقول : ( ومن يتول
الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )
وهذا إسناد لا يفرح به .
ثم رواه ابن مردويه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه
وعمار بن ياسر وأبي رافع . وليس يصح شيء منها بالكلية ، لضعف أسانيدها وجهالة
رجالها . ثم روى بسنده ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس في قوله : ( إنما
وليكم الله ورسوله ) نزلت في
المؤمنين وعلي بن أبي طالب أولهم .
وقال ابن جرير : حدثنا هناد ، حدثنا عبدة ، عن عبد الملك ، عن أبي
جعفر قال : سألته عن هذه [
الآية ] (
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم
راكعون ) قلنا : من
الذين آمنوا؟ قال : الذين آمنوا! قلنا : بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب ! قال
: علي من الذين آمنوا .
وقال أسباط ، عن السدي : نزلت هذه الآية في جميع المؤمنين ، ولكن
علي بن أبي طالب مر به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه .
وقال علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس : من أسلم فقد تولى الله
ورسوله والذين آمنوا . رواه ابن جرير .
وقد تقدم في الأحاديث التي أوردنا أن هذه الآيات كلها نزلت في
عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، حين تبرأ من حلف يهود ، ورضي بولاية الله ورسوله
والمؤمنين ; ولهذا قال تعالى بعد هذا كله : (
ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) كما قال تعالى : ( كتب الله
لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون
من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب
في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين
فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) [ المجادلة
: 21 ، 22 ] .
وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
فكل من رضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين فهو مفلح في الدنيا
والآخرة [ ومنصور في
الدنيا والآخرة ] ; ولهذا قال [ الله ] تعالى في هذه الآية
الكريمة : ( ومن يتول
الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
وهذا تنفير من موالاة أعداء الإسلام وأهله ، من الكتابيين
والمشركين ، الذين يتخذون أفضل ما يعمله العاملون ، وهي شرائع الإسلام المطهرة
المحكمة المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي ، يتخذونها ( هزوا
ولعبا ) يستهزئون
بها ( ولعبا ) يعتقدون أنها نوع من
اللعب في نظرهم الفاسد ، وفكرهم البارد كما قال القائل :
وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
وقوله : (
من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار ) " من
" ههنا لبيان
الجنس ، كقوله : (
فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) [
الحج : 30 ] ، وقرأ
بعضهم ( والكفار ) بالخفض عطفا ، وقرأ آخرون
بالنصب على أنه معمول (
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا
الكتاب من قبلكم ) تقديره :
ولا الكفار أولياء ، أي : لا تتخذوا هؤلاء ولا هؤلاء أولياء .
والمراد بالكفار ههنا المشركون ، وكذا وقع في قراءة ابن مسعود فيها
، رواه ابن جرير : (
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا
الكتاب من قبلكم والكفار أولياء ) .
وقوله : (
واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) أي : اتقوا
الله أن تتخذوا هؤلاء الأعداء لكم ولدينكم أولياء ( إن كنتم
مؤمنين ) بشرع الله
الذي اتخذه هؤلاء هزوا ولعبا ، كما قال تعالى : (
لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في
شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ) [ آل عمران
: 28 ] .